تعد الكتابة الفلسفية لحظة تركيبية ،
متكاملة تدمج فيها مختلف القدرات و الاستراتيجيات المكتسبة ، من خلال أنشطة التعلم
. وتأتي أهمية التقويم في انه يتخذ بعدا جزائيا يترجم الى تقدير كمي ، لتهييئ
التلاميذ و إعدادهم للتقويم الإجمالي وهذا ما يعبر عنه ميشيل توزي قائلا : « التقويم اداة لمراقبة
الجواب المؤسساتي الذي تتطلبه التربية . إنه ضرورة اجتماعية في نظر الأسر [...]
كما أن له بنوع خاص، دورا بيداغوجيا هو الذي يهمنا هنا [...] حيث يكون التقويم
دعما لتعلم التلميذ من خلال تملك معايير النجاح و نهج التأهيل ، هذا بالإضافة الى
انه يضبط الممارسة الديداكتيكية للمدرس » 1 . و لما كانت الكتابة
الانشائية احدى أهم الكفايات النوعية لمادة الفلسفة و جدعا مشتركا للكفايات الأخرى فإنها تطرح
مجموعة من الصعوبات البنيوية التي يمكن تصنيفها الى ثلاث أنماط :
أـ صعوبات معرفية:
يتطلب الاختبار في مادة الفلسفة كتابة
مقالية دقيقة و منظمة ، تستدعي حشد و تعبئة التعلمات المنتظمة السابقة ، وتكييفها
مع السؤال المطلوب بشكل مفصلي يستجيب للخطوات المنهجية المنصوص عليها في التوجيهات
الرسمية ... وعليه تشكل لحظة التقويم الاجمالي ، لبنة اساسية يعيد المتعلم من
خلالها هيكلة مكتسباته المعرفية و حسن تدبيرها الشيئ الذي يفترض ضبطا شاملا
للمواقف ، التصورات الفلسفية ، تصنيفها ، إدراك حجاجها و الأخذ بالخيط الناظم
لترابطاتها ، يتعلق الأمر ب 72 موقفا فلسفيا بالنسبة للمسالك العلمية و 108
بالنسبة لمسلك الآداب والعلوم الانسانبة ، مما يتطلب توظيف قدرات التحليل و
التركيب و التأويل، النقد ، المقارنة ، التمييز ، التصنيف و الترتيب ، في حيز زمني
محدود مما يطرح مشكلة الخلط بين المواقف و التصورات لاعتماد نمط المراجعة الخطي
القائم على الحفظ و الذاكرة و العشوائية في مراجعة السؤال ، وهذا يحيلنا على
المشاكل المنهجية .
ب ـ صعوبات منهجية :
تخضع المادة المعرفية لخطوات منهجية ، يعمل الإطار المرجعي للامتحان الوطني الموحد
للسنة الثانية من سلك البكالوريا على توحيدها بغية موضعة الكتابة الفلسفية و
تقويمها بشمل موضوعي ، يستجيب لطبيعة المادة من جهة ولمتغيرات النسق التعليمي من
جهة أخرى . وتتحدد مقاصد الدرس الفلسفلي في العناصر التالية :
·
مهارة الاشكلة
·
مهارة المفهمة
·
مهارة المحاجة
فكان لزاما إتباع منهجية دقيقة و
منظمة تختلف باختلاف صيغة الامتحان مع حفاظها على الثوابت التالية : الفهم ،
التحليل ، المناقشة ، التركيب ، غالبا ما يخلط المتعلم بين مراحلها و لا يبرز
تمفصلاتها ، كتقديم المناقشة على التحليل أو الصياغة غير الموفقة للإشكال أو عدم الالتزام بتناول الأسئلة المطروحة عند
تحليل عناصر الاشكال ، أو تركيب لا ينسجم و المعطيات المطروحة...
ج ـ صعوبات شكلية :
يتعلق الأمر باللغة باعتبارها وسيلة و اداة
لتفريغ الجوانب المعرفية و التعامل مع احدى الصيغ لحظة التقويم الاجمالي النهائي ،
فاللغة كما ذهب الى ذلك هيدغر مسكن للوجود ، عبرها يحقق المتعلم ذاته ، وبالتالي
فصياغة كتابة جيدة يستلزم التلميح الى ما يعترضه من عوائق لغوية ، يتم إدراجها
كالتالي :
ـ
أخطاء نحوية و صرفية
ـ أخطاء املائية
ـ اخطاء تركيبية
ـ إغفال علامات الترقيم و غياب
الاخراج الجيد على المستوى التنظيمي لورقة التحرير
ـ التوزيع اللامنتظم للحيز الزمني مما
يترتب عنه تفريغ للمعلومات بخط تصعب قراءته
سبـــــل التأهيــــــل
إذا كانت المقالة الفلسفية وسيلة اساسية
للتقويم التكويني المدرسي فانها تعد اداة بيداغوجية فعالة للتعلم و تأهيل الناشئة
على« التفكير العقلاني المنفتح و التباعد النقدي مع المواقف والتحلي بروح
المسؤولية و السلوك المدني » 2 الشيئ الذي يفترض خلق
شروط ديداكتيكية تروم تحقيق الاهداف
التالية :
1« تطوير قدرات المتعلمين
القرائية على المستويات التالية : الفهم ــ سرعة القراءة ــ تنويع استراتيجية القراءة حسب المقروء و
معالجة قراءة النصوص الديداكتيكية بشكل خاص .
2 ـ تحسين و تنويع الإنتاج
الكتابي للمتعلمين
3 ـالتنظيم المنهجي لبعض الجوانب
التي ما زالت تطرح مشاكل كثيرة ، كالتركيب مثلا
4 ـ توسيع و اغناء الرصيد
المعجمي للمتعلمين
5 ـ معالجة بعض تقنيات
العمل الضرورية في عملية التكوين و القابلة للتحويل داخل الفصول ، كالبحث عن
المعلومات و اخذ النقط والتلخيص ».3
6 ـ تمارين تسمح بتقييم
درجة تحقق الاهداف المتوخاة ، ويكون تصحيحها مناسبة لتشخيص العوائق و رسم
استراتيجيات لعلاجها
7 ـ التحسيس باهمية الخطا
في بناء المعرفة كما هو الشان بالنسبة للمعرفة باعتبارها مجموعة اخطاء تم تصحيحها
8 ـ تخصيص حصص للدعم المنهجي
9 ـ القيام بعروض جماعية
تعالج احدى المفاهيم المقررة
10ـ تعديل الغلاف الزمني
المخصص بكيفية تنسجم و المحيط السوسيوثقافي للتلميذ [ البداية الفعلية للسنة
الدراسية و نهايتها ]
11ـ اقتراح جذاذات للتقويم
و الانفتاح على الابحاث الدوسيمولوجية المتعلقة بالمادة .
خاتمــة
تاسيسا على ما سبق يمكن الاقرار بان
البحث في امر الكتابة الانشائية الفلسفية لدى تلاميذ السنة الثانية من سلك
البكالوريا ، بحث تكتنفه مجموعة من الصعوبات ، منها ما يرتبط بطبيعة المادة و منها
ما له علاقة بالتلميذ ) المتغير السوسيوثقافي والنفسي ( و منها ما يرتبط بطرائق التقويم الشيئ الذي يترتب عنه ان الباحث
يجد نفسه امام مشكلة بنيوية تتداخل في تكوينها سلسلة من العناصر ، تشمل الجوانب
المعرفية و الديداكتيكية ، و هذا يفرض على مدرس مادة الفلسفة الضبط المعرفي و
المنهجي و الانفتاح على الابحاث الدوسيمولوجية المعاصرة ...